الشاعر الإفريقي الأمريكي لانجستون هيوز 1902 - 1967
********************
أقدم هنا ترجمة لواحدة من القصائد الشهيرة للشاعر الإفريقي الأمريكي لاننجستون هيوز ، وكان قد كتبها في عام 1938م، بعنوان:
Let America Be America Again ، ومحورها هو حلم المهاجرين الأمريكيين بالحرية والمساواة.
مهداة لمتذوقي الشعر والترجمة.. وللذين عايشوا معاناة الأمريكيين الإفريقيين وأحلامهم عبر أشعار لانجستون هيوز وخطبة مارتن لوثر كنج الشهيرة I Have a Dream.
**************************************
فلتعد أمريكا كما هي أمريكا مجدداً
شعر: لانجستون هيوز
ترجمة: عبد المنعم خليفة خوجلي
(1)
***
فلتعد أمريكا كما هي أمريكا مجدداً
فلتعد لنا ذلك الحلم الذي كان
فلتعد رائدة لهذا السهل الرحب
وهو حر من ينشدها وطناً
(أمريكا لم تكن أبداً أمريكا لي)
فلتعد أمريكا الحلم الذي طالما راود أجفان الحالمين
أرضاً حصينة يزدهر فيها الحب
حيث لا ملك يتآمر ولا طاغية يتأمر
حيث لا يخشى الإنسان سطوة من هو أعلى
(أمريكا لم تكن أبداً أمريكا لي)
دعوني أرى أرضي
لا تتوجها أكاليل الوطنية الزائفة
وإنما تزدهر فيها الفرص الحقيقية
والحياة الحرة والمساواة
التي نتنسم عبيرها في الهواء الذي نتنفسه
(لم يوفر لي "وطن الأحرار" هذا المساواة والحرية أبداً)
يقولون.. من أنتم يا من تهمسون تحت جنح الظلام؟
من أنتم يا من تسدلون قناعكم عبر النجوم؟
أنا الإنسان الأبيض الفقير والمخدوع والمنزوي
أنا الإنسان الزنجي الذي يحمل آثار العبودية الباقية
أنا الرجل الأحمر المطرود من الأرض
أنا المهاجر الذي يتعلق بالأمل
ولا ينال سوى ذات الخطة العتيقة التي لا نهاية لها..
الكلب الذي يأكل كلباً..
والجبابرة الذين يقهرون الضعفاء..
*****
***
أنا الفتى الممتلئ بالقوة والأمل
تسربلني قيود لا نهائية..
الأرباح والسلطة والمكاسب ثمرة الأرض المغتصبة..
واختطاف الذهب..
ووسائل إشباع الحاجات..
وليعمل الرجال .. ولتأخذ الأجر!..
ونهم امتلاك كل شيء لإشباع الجشع..
أنا الفلاح رقيق الأرض
أنا العامل الذي باعوه للآلة
أنا الزنجي خادمكم جميعاً
أنا الشعب الذليل الجائع الحقير
جائع حتى اليوم رغم الحلم
مرهق حتى اليوم أيها الرواد
أنا من لم ينطلق إلى الأمام أبداً
أنا أفقر عامل تمت مقايضته عبر السنين
غير أنني من عايش حلمنا الأثير
في عالمنا القديم عندما كنا لم نزل عبيداً
في خدمة الملوك
من ذا هو الذي عايش حلماً
بمثل تلك القوة والجسارة والصدق
حلم لا تزال تتردد أصداء روعته المنغمة
في كل طوبة وكل حجر وكل حقل
ذاك هو الحلم الذي جعل أمريكا الأرض التي هي اليوم
أنا من أبحر عبر هذه البحار منذ أزمان باكرة
بحثاً عن أرض تكون لي وطناً
فأنا من غادر شاطئ أيرلندا المظلم
وسهول بولندا
ومراعي إنجلترا العشبية..
ممزقاً.. من شاطئ إفريقيا السوداء أتيت
لكي أبني "وطناً للأحرار"
****
الأحرار؟
من قال الأحرار؟
ألست أنا؟
بدون ريب لست أنا
الملايين الذين يعيشون على الإعانات اليوم؟
الملايين ممن تطلق عليهم النار عند الإضراب؟
الملايين من الذين لا أجر لهم؟
من أجل كل الأحلام التي راودتنا..
وجميع الأغنيات التي أنشدناها..
وكل الآمال التي ظلت تحدونا..
وكل الأعلام التي لوحنا بها..
والملايين من الذين لا أجر لهم
سوى الحلم، والذي يكاد أن يذبل اليوم.
دعوا أمريكا تصبح أمريكا مجدداً
الأرض التي لم تصبح أبداً بعد
ولكن لا بد لها أن تكون
الأرض التي يعيش فيها كل إنسان حراً
أرضي أنا الإنسان أنا الفقير ..
أرض الهنود والزنوج
من صنعوا أمريكا
بالعرق والدماء والإيمان والآلام
بسواعدهم التي تطرق الحديد في الورش
وتحرث الأرض تحت المطر..
لا بد من استعادة حلمنا العظيم ثانية
بكل ثقة أقول
لك أن تنعتني بأي اسم قبيح تختار
فحديد الحرية لا يلطخه
من يعيشون كالحشرات المعتلقة بحياة الناس
لا بد لنا من أن نسترد أرضنا ثانية .. أمريكا
*****
****
آه .. نعم
هاأنذا أقولها صريحة
أمريكا كما أراها لم تعد هي أمريكا
غير أني أقسم جازما بأنها ستكون!
من المعاناة والدمار والموت وقطع الطريق
من الاغتصاب والأدران والابتزاز والسرقات والأكاذيب
نحن الشعب
سوف ننطلق لنسترد الأرض والمناجم والمزارع والأنهار
والجبال والسهول اللانهائية
وجميع الرحاب الممتدة عبر هذه الولايات الخضراء العظيمة
وسوف نصنع أمريكا مجدداً!
*****************
Let America Be America Again
by Langston Hughes
***********
Let America be America again.
Let it be the dream it used to be.
Let it be the pioneer on the plain
Seeking a home where he himself is free.
(America never was America to me.)
Let America be the dream the dreamers dreamed--
Let it be that great strong land of love
Where never kings connive nor tyrants scheme
That any man be crushed by one above.
(It never was America to me.)
O, let my land be a land where Liberty
Is crowned with no false patriotic wreath,
But opportunity is real, and life is free,
Equality is in the air we breathe.
(There's never been equality for me,
Nor freedom in this "homeland of the free.")
Say, who are you that mumbles in the dark?
And who are you that draws your veil across the stars?
I am the poor white, fooled and pushed apart,
I am the Negro bearing slavery's scars.
I am the red man driven from the land,
I am the immigrant clutching the hope I seek--
And finding only the same old stupid plan
Of dog eat dog, of mighty crush the weak.
I am the young man, full of strength and hope,
Tangled in that ancient endless chain
Of profit, power, gain, of grab the land!
Of grab the gold! Of grab the ways of satisfying need!
Of work the men! Of take the pay!
Of owning everything for one's own greed!
I am the farmer, bondsman to the soil.
I am the worker sold to the machine.
I am the Negro, servant to you all.
I am the people, humble, hungry, mean--
Hungry yet today despite the dream.
Beaten yet today--O, Pioneers!
I am the man who never got ahead,
The poorest worker bartered through the years.
Yet I'm the one who dreamt our basic dream
In the Old World while still a serf of kings,
Who dreamt a dream so strong, so brave, so true,
That even yet its mighty daring sings
In every brick and stone, in every furrow turned
That's made America the land it has become.
O, I'm the man who sailed those early seas
In search of what I meant to be my home--
For I'm the one who left dark Ireland's shore,
And Poland's plain, and England's grassy lea,
And torn from Black Africa's strand I came
To build a "homeland of the free."
The free?
Who said the free? Not me?
Surely not me? The millions on relief today?
The millions shot down when we strike?
The millions who have nothing for our pay?
For all the dreams we've dreamed
And all the songs we've sung
And all the hopes we've held
And all the flags we've hung,
The millions who have nothing for our pay--
Except the dream that's almost dead today.
O, let America be America again--
The land that never has been yet--
And yet must be--the land where every man is free.
The land that's mine--the poor man's, Indian's, Negro's, ME--
Who made America,
Whose sweat and blood, whose faith and pain,
Whose hand at the foundry, whose plow in the rain,
Must bring back our mighty dream again.
Sure, call me any ugly name you choose--
The steel of freedom does not stain.
From those who live like leeches on the people's lives,
We must take back our land again,
America!
O, yes,
I say it plain,
America never was America to me,
And yet I swear this oath--
America will be!
Out of the rack and ruin of our gangster death,
The rape and rot of graft, and stealth, and lies,
We, the people, must redeem
The land, the mines, the plants, the rivers.
The mountains and the endless plain--
All, all the stretch of these great green states--
And make America again!
********************
نبذة عن الشاعر والقصيدة
**************
اشتهر لانجستون هيوز (1902 – 1967م) بالإنتاج الأدبي الغزير والمتنوع؛ فهو شاعر، وروائي، ومسرحي، وكاتب قصة قصيرة، وكاتب صحفي، وكاتب أدب الأطفال. وهو يعتبر من رواد الوطنية الثقافية التي وحدت بين العديد من الكتاب والأدباء من ذوي الجذور الإفريقية، وعمقت فيهم الاعتزاز بثقافاتهم وجمالياتهم السوداء. وقد شكلت تلك الوطنية الثقافية مصدر إلهام للعديد من الفنانين السود.
تتميز كتاباته بالراديكالية والثورة، ولذا تم تصنيفه كيساري، مما عرضه إلى ملاحقات واستجوابات في الفترة المكارثية. ورغم قوة أفكاره المرتكزة على الاعتزاز العرقي وسط الأمريكيين السود، إلا أن أجيالاً لاحقة منهم، من الذين بدأوا ينظرون بإيجابية إلى آفاق الإندماج في المجتمع الأمريكي، رأت فيها أفكاراً غير مواكبة، وتعكس الكثير من الشوفونية غير المحمودة. غير أن أفكار لانجستون هيوز كانت لها تأثيراتها العميقة خارج حدود أمريكا، حيث بدأت تلهم السود في إفريقيا وجزر الكاريبي والمارتنيك. بل وأنها قادت إلى قيام حركة الزنجية في فرنسا كحركة سوداء راديكالية في مجابهة الاستعمار الأوروبي.
لانجستون هيوز من رواد كتابة ما عرف بأشعار الجاز - هذا الفن الذي تطور كثيراً فيما بعد - وهي أشعار تتميز بانسجامها مع موسيقى الجاز والبلوز ذات الإيقاعات الرخيمة والعبارات المتكررة. ولقد انطلق هيوز في كتابة أشعار الجاز من اعتزازه بالتراث الفولكلوري للسود.
في هذه القصيدة التي نقلتها إلى العربية، وهي بعنوان: Let America be America Again ، والتي كتبها هيوز عام 1938م، العديد من الصور الوطنية الزاهية والإيجابية لأمريكا، غير أنه لا يلبث أن يثير حولها تساؤلات. مثلاً عندما يتحدث عن ازدهار الفرص الحقيقية والحياة الحرة والمساواة، يذكر أن "وطن الأحرار" هذا لم يوفر له المساواة والحرية أبداً. من الناحية الأخرى تبرز القصيدة الجانب القاتم من أمريكا حين تعكس صوراً حية عن معاناة الفئات المهمشة (الزنوج الذين لا يزالون يحملون آثار العبودية، والهنود الحمر المطرودين من الأرض). لكنه في ختام القصيدة يعبر عن تفاؤل عظيم بمستقبل أمريكا.
من الجدير بالذكر أن المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2004م – السناتور جون كيري – كان قد اتخذ من عنوان هذه القصيدة Let America be America Again شعاراً لحملته الانتخابية.عبد المنعم خليفة**********************